“نحنحة” في جلسة طرب

في المنصّات يستخدم جلّ العوامّ الحركات للزركشة والتزيين، وقد يكرّر الواحد منهم الحرف من الباب نفسه، وعلامات الترقيم لا تعود للترقيم. هذا النوع من الناس إذا تعلّم الكتابة وظّف أدوات اللغة الأخرى بالطريقة نفسها. البهار عندهم يغطّى نكهة الزمن الذي مرّ على اللحم حتّى شارف على الفساد.

نحن الآن في وقت آخر، لقد تعلّم كثير من هؤلاء الكتابة بالفعل، وزادت الرطانة على حساب المعنى، نصوصهم كجسم راقصة سمينة يترجرج من كثرة الشحم، ويؤدّي حركات بهلوانيّة، فماذا تفعل النصوص الحقيقيّة هنا؟ الأنثى الرشيقة القوام الرصينة الحركة ذات المزاج الحادّ.

يدخل نصّ الواحد منهم ذهن المتلقّي كما تدخل قبّة العصّارة نصف ليمونة، فتمتزّ منها كلّ ما فيها، مع أنّ القبّة في ذاتها فارغة من الجهة المقابلة. أسمع لدى قراءة أحد النصوص عُرَب “أصالة” المجّانيّة، التي لا تلاحق معنًى، ولا تعمّق شعورًا، لا يفضل ابنُ اللغة لدى سماعها الغريبَ بشيء، فكلاهما يسمع محض زقزقة.

مرضى بالرطانة هم، مفتونون بالتقديم والتأخير بلا طائل، يحشدون الكلمات المتباعدة حتّى يفقد القارئ اتّزانه، كأنّها كرات مدفع برنامج الحصن تقذف على فريق المهاجمين وهم يحاولون التوازن على درب ضيق زلق.

مشكلتي ليست في وجود هذا النوع من الكتابة، فهو تمرين جيّد نعرفه، إذ نعتمد التداعي الحرّ، أو موسيقا الكلمات، أو بعض الصور الذهنيّة لنقيم علاقات غير واضحة، ونعتاد التأشير بديلا عن القبض على المعاني. مشكلتي قد تكون متوهّمة، لكنّني أحبّ الغناء الهادئ، وأقدّس العُربة الوحيدة في مقطع رصين، ولي أذن مدرّبة على التقاط النشاز. أرى البهار مساعدًا على إظهار لذّة الطعم الأصيل، أخاف أن يخدعني الطاهي فأشكره على طعم بهارات لحم فاسد. لا أهتزّ طربًا من الرطانة، وليمونة عقلي عجراء لا تدخلها قباب عصّاراتهم. أطرب للفكرة، وأهشّ للطعم الأساسيّ، وأضع الحركة لاستبعاد اللبس، فأجد من يتّهم لغتي بأنّها أقرب للترجمة. يا لها من تهمة رائقة، فأنا أسعى للإفهام، لا الإدهاش. فإذا كان المفهوم مدهشًا، فإنّها لحظة طرب حقيقيّ، بعيدة عن استمناء الصوت عُربًا، تحمل الرطوبة إلى الثمار كأنّها المطر بعد الجفاف.

نعم، أنا صوت النحنحة المتململة في جلسة الطرب الرديء.  

تونس: أستروجين رئاسيّ

نعم، تحرّكت تونس نحو الحرّيّة الاجتماعيّة تحت “الاستبداد السياسيّ” في عهد الحبيب بورقيبة، ومن ذلك حرّيّة المرأة، لكن ماذا عن الخطوة الأخيرة؟ هل تفهم في سياق بورقيبة أم في سياق البنك الدوليّ؟

إقرأ المزيد

الأصداء الفنيّة في الإعلام الحديث | مدرسة الروابي أنموذجًا

تتعدّد ردّات الفعل على الأعمال الدرامية منذ بدأت الدراما، لكنّ وجود معادلات وأنماط جاهزة يبنى العمل الفنّي عليها يحدّ من هذا التنوّع، إذ إنّ المشترك بين الأعمال الدراميّة يزيد على حساب شخصيّة الأعمال، وهذا ما انتبهت له دور السينما التي تحاول تكرار تجربة الربح فتعيد استغلال الأنماط التي تكتشف نجاحها أو تصدر أجزاء ثانية وثالثة من الفيلم الذي نجح، فكان أن أنشأت دور الإنتاج هذه شركات للأفلام التي فيها هامش تجريب عالٍ.

إقرأ المزيد

فلسطين ما بين السطور

لدى تحليل أي مقولة، لا بدّ من التعامل معها بوصفها خطابًا، وإلّا فإنّ التحليل سيكون أقرب للانطباعيّة أو الأداتيّة، أي إنّ المحللّ سيبدي انطباعه الخاص عمّا فهمه من الكلام، أو سيطلعنا على المقولة من منظور الأداة التي تهمّه مثل النحو أو التشبيهات أو سواها. أمّا عند التعامل مع المقولات بوصفها خطابًا فهذا يعني النظر في الشغل الذي تحدثه هذه المقولة في ذهن المتلقّي. عند التعامل مع “خطاب” فإنّه يجب علينا الانتباه إلى مضمراته، أي الأمور المضمرة فيه، ومنها: الضمنيّات، أي ما يفهم ضمنا من الكلام، والافتراضات، بكلمات أخرى هو: ما لم يكن الكلام ليقال لولا وجوده. سأتناول هنا بعض التوجّهات التي شكّلت خطابات حول فلسطين، مع النظر في مضمراتها.

إقرأ المزيد

تقرير بعثة جامعة الدول العربية إلى سوريّة 2011

بعد البحث عنه وعدم القدرة على إيجاده على الإنترنت لسبب غامض يمكن تخيّله، رأينا نشر التقرير كما هو لكي نوثّق للحرب على سوريّة.

إقرأ المزيد

رسالة إلى أخي المتطرّف

هذه الرسالة إلى من لم يقتل ولم يحرّض على القتل صراحةً أو ضمنًا، أمّا من فعل ذلك فلا يصلحه كلام.

تحيّة لك أخي الكريم،

لقد كنت في صفوفكم يوما ما، وسمعت حججكم قبل أن ينقلها اليوتيوب إلى الجميع، وأعرف أنّ القوم يتخوّفون ممّن يهاجم حديثا في البخاري أو مسلم، أو يهاجم فهما مشهورًا لآية من الآيات، لا لأنّهم غير واثقين بدينهم كما يظنّ الناس، لكنّهم يتساءلون: ماذا بعد؟ فإذا هاجم أحدهم هذا الحديث، فأين ستكون الأرضية التي نقف عليها في هذا المبحث، إذا سلّمنا بعدم صحّة حديث صحيح السند. وإنّ هذا التخوّف وجيه في حدود معرفتهم، لكنّهم يا أخي لا يعرفون كلّ شيء.

إقرأ المزيد

تحرير العقل العربي من ماذا؟

العنوان الذي طالما كتبت تحته هو تحرير العقل العربيّ، لكن ممّ نحرّره؟ وهل أنا أو غيري مؤهّل لتحرير العقل العربيّ، أو حتى لتحرير عقلي أنا؟ في هذا المقال سأتناول بعض الأمراض التي أراها في العقل العربيّ، وأعمل جاهدًا على أن أخلّص نفسي منها، وربّما أنفع القرّاء.

إقرأ المزيد