الإعجاز الزغلولي

بعد الإحراج الكبير الذي وقع فيه زغلول النجار في المغرب، جاءتنا نقابة المهندسين ذات الإدارة الإخوانية، التي تراكمت عليها الشبهات والاعتراضات، بإعلان عن محاضرة له ضمن محاضرات هندسية متخصصة، وكانت المحاضرة دينية محضة في البداية، بعنوان “البرق والرعد في القرآن الكريم”، مما أثار سخط طائفة من المتعلمين من شتى الانتماءات الدينية والسياسية، في صدارتهم مسلمون يرفضون “ترويج الإسلام بالكذب”، فقاموا بشطب الفعالية عن صفحة النقابة في فيسبوك، ثم أعادوا النشر عنها على صفحات شخصية مع تحويرها قليلا. هذه المقالة تحاول تقديم إطار نظري لمن يريد تفويت الفرصة على زغلول النجار وجماعته لتبييض صفحته، وتسويد صفحة المهندسين الأردنيين.

ملاحظة: موقع زغلول النجار زمن كتابة هذه السطور لم يكن يعمل، ولذلك فكتابة هذه المقالة أصبحت أصعب. رابط الموقع: www.elnaggarzr.com

 

الملصق الترويجي للمحاضرة، الذي تمّ شطبه:

19399163_10154467020052046_7072438648369798637_n

الإعلان المعدّل الذي نشر على الصفحات الشخصية:

19424159_1045131115618282_128022768167316251_n

وقبل أن نبدأ، لابدّ أن ننوّه إلى أنّ شباب الإخوان في النقابة قاموا بسرقة النص الذي يرفقونه مع المحاضرة كمحور ثانٍ، لم يعلنوا من سيلقيه حتى الآن، ومن أراد أن يرى السرقة من مصدرها فليضغط هنا.

الخلل المنهجي

نبدأ بتوضيح الخلل العام في منهج الإعجازيين، وقد بسطت الشرح فيه من قبل في مقالة مطولة، اسمها “هل ألقى القرآن قفازه؟”، يستطيع من أراد قراءتها أن يضغط على عنوانها.

وباختصار شديد، نبيّن هنا الخلل في منهجه خلال الفقرتين القادمتين:

إن القول بأن في القرآن معانيَ علميّةً لم يفهمها المسلمون حتى تطور العلم، يعني أن القرآن كان بعضه غير مفهوم لأبي بكر وأبي جهل وغيرهم ممن عاصروا الوحي. وعندما نقول إن العرب لم يفهموا القرآن كله فنحن نقول عن القرآن إنه غير مبين “فصيح”، أي نناقض الآية التي تقول عنه “مبين”، أي أننا بادعاء الإعجاز العلمي نقول بكون بعض القرآن طلاسم. وهذا عند أهل التكفير كفر بواح، لو قاله أحد غيرهم لقتلوه.

يتحجج الذين يتّهمون فصاحة القرآن، ويقولون: “إن معنى جديدا لآيات القرآن ظهر لهم” بالآية التي تقول: (لا يعلم تأويله إلا الله). وهذه الآية تشرحها أختها التي تقول: (يوم يأتي تأويله). أي أن كلمة (تأويل) هنا لا تعنى (معنى)، بل تعني ما سيؤول إليه، أي مآله. أي إن هذا الكلام الذي يصف الغيب (القيامة مثلا) المفهوم الواضح في معناه، لا يعرف فاهموه الصورة التي سيتحقق عليها، مآله، أو تأويله، وقد يحاول منكروه أن يجعلوه يؤول لهم، أي يعمل في صالحهم… هنا أعني قوله : (ابتغاء تأويله).

الخلاصة: إن منهج “الإعجازيين العلميين” كله منهج مضروب، غير مقبول إسلاميّا، يضع القرآن في موضع حرج بادّعائه البيان، ناهيك عمّا يجرّه عليه من التدقيق العلمي الذي يزيد في الإحراج، ويتحوّل لهجوم من الملحدين عليه.

الآيات التي تذكر البرق والرعد

لا يجب أن يخرج النجّار زغلول، في محاضرته عن الآيات التي تذكر البرق والرعد في القرآن، وهي:

  1. ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ# يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ 19-20 البقرة.
  2. ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ # وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ 12-13 الرعد.
  3. (وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) 20 الروم.
  4. (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) 43 النور.
  5. (وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا) 14 النبأ.
  6. (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ۖ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) 48 الروم.

سياق الآيات السابقة حسب الترقيم:

1- وصف المنافقين.

2- إظهار قدرة الله.

3- تعداد آيات الله.

4- إظهار قدرة الله.

5- تعداد نِعَم الله.

6- تعداد نِعَم الله.

ما سيقوله زغلول النجار

نحن لا نعلم الغيب، وليس لنا إلّا أن نتخرّص ما سيقوله في المحاضرة تخرّصا، يعيننا على تخرصنا ما أورده هو من قبل عند حديثه عن البرق والرعد والبرد والسحاب والماء، في شرائطه المصوّرة، أو في مقالاته.

سيورد زغلول ما يعدّه “حقائق علمية”، ثم يشير إلى موضع ذكره في القرآن، ويتعجّب قائلًا كعادته: هذه حقائق لم يعرفها الإنسان إلا في العصر الحديث، فكيف لكتاب نزل قبل 1400 سنة أن يحتوي عليها. ثم سيعدّ هذا دليلا على أن القرآن كتاب الله.

و”الحقائق العلمية” المتعلقة بالموضوع هي:

  1. بعض السحب لها شكل الجبال. (تشبيه السحب بالجبال في القرآن)
  2. السحب تقع بين السماء والأرض. (نص القرآن صراحة على ذلك “والسحاب المسخر بين السماء والأرض”، مع أنه قال إن الماء ينزل من السماء أيضا في موضع آخر “وأنزلنا من السماء ماء”)
  3. وجود ذرات الغبار وثيق الصلة بنزول المطر. (ورد في القرآن وصف الرياح بأنهن لواقح، وقال عن الريح إنه يثير سحابا – راجع الآية رقم 6 حسب إيرادنا لها في الأعلى)
  4. الرياح سبب رئيس في تبخّر المياه وتشكيل السحب. (هذا لم ينصّ عليه القرآن ولكن زغلول سيستخدم الآيات نفسها المتعلقة بالغبار)
  5. حركة السحب الأكثر كثافة أبطأ من غيرها. (كلمة يزجي الورادة في الآية رقم 4 حسب ترقيمنا في الأعلى)
  6. السحب تتلاقى وتتراكم وتمتزج. (الآية 4 حسب ترقيمنا)
  7. البرَد لا يتكوّن إلا في السحب الركامية. (الآية 4 حسب ترقيمنا)
  8. تكوّن البرَد وثيق الصلة بالبرق والرعد، بل البرَد هو السبب في البرق. (الآية 4 حسب ترقيمنا)

عليكم أن تتذكروا أنه سيقول إن هذه المعلومات كانت مجهولة للعرب في ذلك الزمن، وعلينا توضيح أن هذا كلام فارغ، فهي من الأمور المشاهدة والمعروفة عند العرب.

الردّ على هذه الحجج 

أولا، يجب توضيح أن هذه الكلمات كلها كلمات عربية، مستخدمة عند العرب، ولا مجال لاستحضار الشواهد، ولو كانت كلمات غير معروفة للعرب، فمعنى هذا أن القرآن يحوي طلاسم لا يمكن فهمها.

ثانيا، يجب ملاحظة أن الآيات الكونية التي يعدّدها القرآن كانت مرئية للعرب، وإلا فلا معنى لقوله “ألَم ترَ”، فهذا مما عرفه العرب بشهادة القرآن، حتى عندما تستخدم فيما لم يره الرسول تكون حول أمور عرفها العرب وتداولوها، أي رأوها رأيا بالعقل لا رؤية، مثل “ألم تر أنّا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزّا” 83 مريم. فحتى الكفار اتهموا محمدا أن به جِنّة، أو أوحت له الشياطين. ومثلها قوله “ألم تر كيف فعل ربك بعاد”.

ثالثا، يجب توضيح أن كثيرا من “تفسيراته” اعتباطية، تستخدم لغة الناس اليوم، فيظنّ مثلا أن كلمة يصيب تخص العذاب، والصوب عند العرب هو المطر، تراه في قولهم “صوب الغاديات”، وغيره.

رابعا، كل ملاحظة من الملاحظات “العلمية” السابقة يمكن إبصارها بالعين، للبدويّ وغيره من أهل زمن الرسول ومن هم أبعد منه، وإليكم بيان ذلك:

  1. أن السحاب له شكل الجبال: قال هدبة بن الخشرم، وهو شاعر جاهلي، يصف الرق (يُضيءُ صَبيراً مِن سَحابٍ كأَنَّهُ … جِبالٌ عَلاها الثَلجُ أَو هوَ أَوضَحُ) فهل كلام هدبة “معجز علميّا” يا زغلول النجّار؟
  2. أن السحاب بين السماء والأرض: قال زهير بن جناب الكلبي وهو شاعر جاهليّ (فَضَلَ العِزَّ عِزُّنا حينَ يَسمو … مِثلَ فَضلِ السَماءِ فَوقَ السَحابِ) فهل كلام زهير “معجز علميّا” يا زغلول؟
  3. أن الغبار وثيق الصلة بالمطر: قال أبو زبيد وهو شاعر جاهلي، يقال إنه أدرك الإسلام في بعض الروايات الضعيفة التي تجعله بلغ 150 سنة من العمر:  (صادِياً يَسْتَغِيثُ غير مُغاثٍ … ولقد كان عُصْرة المَنْجود) والعُصرة هي الغبار في الأصل، ومنها الإعصار، ولكنها هنا سحابة ممطرة، أي إنه يقول: بات لا يمطر ولا يفعل معه خير، وقد كان سحابا ممطرا مليئا بالغبار يمطر المحتاج أي يساعده فيغدو ناجيا. فهل كلام أبي زبيد “معجز علميّا” يا زغلول النجّار؟
  4. أن الرياح تنشئ السحاب: وهي كما قلنا لا علاقة لها بالتبخر، بل هي متعلقة بالغبار، وكلمة تنشئ ونشء متعلقة أصلا عند العرب بالغبار الذي تثيره الريح، قال المسيّب بن علس، وهو شاعر جاهليّ: (كَأَنَّهُم إِذا خَرَجوا مِن عَرعَرِ… مُستَلئِمينَ لابِسي السَنَوَّرِ … نَشءُ سَحابٍ صائِفٍ كَنَهوَرِ) أي إنهم خرجوا من عرعر كأنهم غبار تثيره الرياح فيغدو سحابا. فهل كلام المسيّب “معجز علميّا” يا زغلول النجّار؟
  5. حركة السحب الأكثر كثافة أبطأ من غيرها: قال النابغة الذبيانيّ، وهو شاعر جاهليّ: (سَرَت عَلَيهِ مِنَ الجَوزاءِ سارِيَةٌ … تُزجي الشَمالُ عَلَيهِ جامِدَ البَرَدِ) أي إنه يقول إن ريحا شمالية جاءت من جهة برج الجوزاء (شمالا) وأزجت (أي دفعت ببطء، وهي الكلمة المستخدمة في القرآن) سُحُبا محملات ببرَد جامد، أي أكثف السحب. فهل كلام النابغة “معجز علميّا” يا زغلول النجّار؟
  6. السحب تتلاقى وتمتزج: قال هدبة بن الخشرم (فَلمّا تَلافَتهُ الصَبا قَرقَرَت بِهِ … وَأَلقى بأَرواقٍ عَزاليهِ تَسفَحُ) والصبا ريح باردة جعلت السحاب يقرقر أي يصدر أصواتا، وأنزلت مطره فنزل نزولا شديدا. وقال النابغة الذبياني: (أَرَبَّت بِها الأَرواحُ حَتّى كَأَنَّما … تَهادَينَ أَعلى تُربِها بِالمَناخِلِ … وَكُلُّ مُلِثٍ مُكفَهِرٍ سَحابُهُ …كَميشِ التَوالي مُرثَعِنَّ الأَسافِلِ) فها هو النابغة يصف كيف تلقي الريح بالسحاب فوق بعضه ويصف شكل السحاب المتراكم الناتج عن ذلك. فهل أي من هؤلاء نبيّ يا زغلول النجّار؟
  7. البرَد يتكون في السحب الركامية: وقول النابغة السابق يكفيك: (تُزجي الشَمالُ عَلَيهِ جامِدَ البَرَدِ).
  8. علاقة البرق بالبرَد: قال خليفة بن بشير وهو شاعر جاهليّ: (يكْشرْنَ للّهو واللذاتِ عن بَرَدٍ تكشُّفَ البرق عن ذي لُجَّةٍ داجي) فقرن بين البرد الذي يشبه به أسنان الغواني، والبرق الذي يلمع في الليل. فهل قول خليفة “معجز علميّا” يا أستاذ زغلول؟

الخلاصة 

كل ما سبق ورد في الشعر العربي من قبل القرآن، ولم أعتمد على الشعر الذي يتّكئ عليه المهاجمون للقرآن، كزيد بن عمرو بن نفيل، ولا بما وصلنا من “قرآن مسيلمة الكذاب”، الذي يمكن تطبيق نظريات زغلول الإعجازية عليه. ثمّ لعلّنا نقول: كيف لهؤلاء قبل 1500 و1600 سنة وأكثر أن يقولوا ما قالوا لولا أنهم أنبياء!

ولاحظوا معي أن هؤلاء جاؤوا بكلامهم طيّ كلام آخر، فمنهم من يصف غانية، ومنهم من يتحسّر على محبوبته، ومنهم من يمدح جود كريم، أي أنّ هذا “الإعجاز” كان فضلةً في كلامهم، وهذا أدعى للعجب.

خاتمة 

بلغنا أن الرسول كان يقضي شهر رمضان _ أيلول حينها_ في غار حراء، وكان يتأمل خلق الله، ويلاحظ ما لاحظه غيره من العرب، ولعله يمرّ بعض السحاب المنخفض من تحت الغار، ويدرك العلاقة بين الأعاصير المغبرة وبين البرد، وبين البرق وغيره، كما يدركها الشعراء الذين ذكرنا، وكما يدركها كل العرب بدليل وجود هذه الكلمات في اللغة على هذا النظام، فلو كان تصديق الناس بالقرآن متعلقا بومضاتك “الإعجازية”، لكان أخلق بنا أن نكذّب النبيّ، لكن القرآن العربي المبين الذي فهمه أبو بكر فقبله، وفهمه أبو جهل فرفضه، فيه ما يعلو فوق ذهنك وذهن من بدأ هذه البدعة الشنعاء، أقصد د. مصطفى محمود.

 وللتمثيل على ذلك سأشرح لك الآية الأولى حسب ترقيمنا، شرحا يرجع للقرآن ألَقه:

﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ 19 البقرة.

هذه الآية وردت في وصف المنافقين، الذين بين ظهراني المؤمنين، يقولون للمؤمنين نحن معكم، وفي أول هزّة تنكشف نواياهم. تأتي الآية بعد (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا….) إلخ آخر الآية، ثم يكمل في الآية التي تليها عن حالهم بعد أن ذهب الله بنورهم فيقول (صم بكم عمي فهم لا يرجعون) وبعدها يقول (أو) أي أن الذي سيلي هذا مثل آخر لحال المنافقين.

تقول الآية: مثلهم كمثل قوم وافاهم مطر كثيف من السماء (وهو القرآن هنا) فيه (ظلمات ورعد وبرق) أي أن فيه ما لا يبصرونه (ظلمات)، وفيه رعد (له صدى بين الناس)، وفيه برق (يضيء لهم دواخلهم فيشعرون بواجب الإيمان)، لكنهم يخشون لحظات الفهم هذه، وقد ورد في وصفهم في سورة أخرى (يحسبون كل صيحة عليهم)، فيضعون أصابعهم في آذانهم لكي لا يقتنعوا، وكأن هذا يؤثر، فيشبه حالهم بحال من يخاف أن يقتله البرق فيسدّ أذنيه، وكأن هذا ينفعه، والله قادر عليهم محيط بهم.

هذا هو القرآن الذي صدّق به العرب، لأنهم رأوا فيه قولا شريفا، ومعنى ساميا، وليس الأمر كما تجعله بهذه السطحية.

ولمن يرغب في الاستزادة من توضيح عته منهج “الإعجاز العلمي في القرآن” فإليه رابط كتاب الدكتور خالد منتصر، الذي على كونه كتب بلغة ركيكة، إلاّ أنه هدم الفكرة بصورة نهائية، رابط الكتاب هنا: وهم الإعجاز العلمي

ننتظر من المهندسين الأردنيين أن يفضحوا هذا الدجل، ويفضحوا جهل الجهة التي تروّج له، ويستعيدوا نقابتهم.