تشيع على وسائل التواصل الاجتماعي شرائط تحت عناوين “مذيعة بي بي سي تتحدث عن معجزة القرآن”، وهذه الأشرطة هي في الحقيقة مقتطفات من برنامج على يوتيوب، وما إن تبحث حوله تحس أنك “أليس” التي دخلت في جحر أرنب، لكن ليس نحو بلاد العجائب… ولتعرف نحو أي بلاد يأخذك هذا البرنامج، تابع معي، واحتمل التداخلات المشتتة للانتباه.
اسم البرنامج باللغة الإنجليزية “ذير إز نو كلاش” وترجمته (ليس ثمة صدام)، تستطيع الضغط (هنا) لتذهب لصفحته، والمقصود من الاسم أنه ليس ثمة صدام بين العلم والقرآن، وهذه النتيجة بمكن الوصول لها من عدة طرق، لكن الطريقة التي ينتهجها البرنامج يناسبها في الحقيقة اسم آخر، مثل (القرآن سبق العلم) أو (العلم يثبت إعجاز القرآن) أو سوى ذلك من الخزعبلات، التي لا تمتّ للعلم ولا للدين بأي صلة.
بدأ الأمر بالدكتور مصطفى محمود، ثم بالدكتور زغلول النجار، والآن باتت البريطانية “كلير فورستير” علما من أعلامه، مع أنني لم أجد أي خبر عنها أنها أعلنت إسلامها أصلا. إعلانها الإسلام من سواه لا يغيّر شيئا بالنسبة للفكرة طبعا، لكنه يقول لمن يعجبهم أن يروا شقراء تمتدح دينهم: إنكم أغرار.
كلير فورسيتر هي مذيعة بسيرة ذاتية جيدة كمذيعة، وليست باحثة بالمعنى العلمي ولا مفكرة ولا عالمة، ولا تدّعي ذلك، وهي كما تظهر سيرتها الذاتية عملت كمذيعة لبرامج بثت على إذاعة بي بي سي، ولم تكن معتمدة هناك، فهي تركّز على برنامج “ليس ثمة تصادم” أكثر مما تركز على عملها المزعوم في هذه المؤسسة العريقة، وكل هذا لا يجعلها صادقة ولا كاذبة.
الشركة المنتجة لهذا العمل شركة تتنقل بين مصر وبريطانيا، وقد وجدت عدّة شركات لها علاقة بهذا البرنامج وأليكم روابط قنواتهم أو مواقعهم:
https://www.youtube.com/channel/UCXEwKcx9yHpqC8rUlVIOB9A
https://www.youtube.com/channel/UCn5fWwAp5IomJb4Gv1frEjA
هنا نحن أمام شركة لها عدد من القنوات الإعلامية المختلفة، وقد أسست هذه الشركة التجارية، قناة على باتريون الموقع الخاص بدعم المنتجات الإعلامية للهواة، وها هو حسابهم هناك لجمع التبرعات:
https://www.patreon.com/ThereIsNoClash
موقع التصوير ليس في بريطانيا كما يعتقد الناس، وإنما هو في مصر كما تذكر كلير صراحة في سيرتها الذاتية، وكما يظهر الديكور الذي استخدم في حلقات عمرو خالد، في النسخة العربية من البرنامج واسمها “بالحرف الواحد”. تجدون رابط أولى الحلقات هنا:
قارنوا بين حلقة عمرو خالد، وبين حلقة كلير فورستير، من ناحية الديكور والمحتوى. هاكم الحلقة المكافئة من “ذير إز نو كلاش”:
أصداء البرنامج أعجب منه، فبين من يتداولونه وكأنه نصر من العرب، وبين من يسخرون منه من الغربيين، تستطيعون متابعة هذه الأمثلة:
إذن لنا أن نستنتج أننا أمام شركة ربحية، قررت أن تتكسب من وراء صناعة هذا المحتوى الديني، وهو بالمناسبة مناقض للعلم، ويتصادم مع العقلية الإسلامية أصلا، ولذلك خمل برنامج عمرو خالد، ونجح البرنامج نفسه لأنه من تقديم شقراء بريطانية.
كلير أدّت مهمتها كمذيعة بطريقة احترافية، وقفت وقرأت النص الذي كتب لها، وانتهى الأمر، ثم عادت لنشاطها كمذيعة، وهي الآن تركز على الأمن المعلوماتي والتقارير الخاصة به.
اضطرت عدّة مرات لنشر تغريدات الوئام بين الأديان لكي تبرر فعلتها لمن يهاجمونها من الغربيين، وهم يعدّون ما فعلته ارتزاقا.
المحتوى الذي قدمته كتبه شخص ليس له دراية بالعلم ولا بالدين، ولكنه حاذق في فن الحكي، إذ يجد مدخلا لكل ما يريد قوله، فيظهر وكأن البرنامج يقول شيئا ذا بال.
أبارك لأهل ملتنا المسلمين هذا المقلب الجديد.
للقراءة أكثر حول نقد فكرة الإعجاز العلمي في القرآن إليكم هذه الروابط:
الإعجاز الزغلولي – مقال كتب حول حادثة محددة لكنه يحتوي ردّا منهجيا لم يتمكن زغلول النجار من الردّ عليه إلا بالتكفير.
كتيب خرافات إسلامية – كتاب إلكتروني يحوي في طياته الحديث عن خرافات كثيرة منها الإعجاز العلمي ويرد عليها باختصار.