الخبر قبل وقوعه | عن فيلم “المتسلل ليلا”

nightcrawler
يعد الفيلم من أفلام المخرجين، حيث مخرج العمل هو كاتبه “دان جيلروي”، وهو من إنتاج عام 2014م. تدور حكاية الفيلم حول “لويس بلوم” الذي يقوم بدوره “جيك غلينهال”، شاب مولع بالثراء، يتعذر عليه أن يجد عملا بسبب كونه مدانا بالسرقة، ويخلق فرصة عمل من العدم.
صورة ذات صلة

يتحول “لويس” إلى مصوّر حوادث وتغطيات إخبارية، ويكون سرّ نجاحه في هذا العمل أنه نفعيّ جدا، والغاية لديه تبرر الوسيلة.
يسأل الناس على الإنترنت إن كان الفيلم مبنيا على قصة واقعية، وهم في ذلك محقون، فهم يرون حال الإعلام، ونوعية الناس التي تقوده.
يجعلك الفيلم تتساءل عن مصداقية الإعلام، وتسخر من فكرة “مصداقية الصورة”.
رغم أنه ثمة الكثير للحديث عنه حول الفيلم: أداء “جيك” المقنع، شخصية “لويس بلوم” الغريبة، عدم تطور الشخصية بصورة مقنعة خلال الفيلم، الحبكة الأحادية، الإمتاع في السرد رغم أحادية الحكاية، إلا أن أهمّ ما في الفيلم برأيي هو مقولة الفيلم، وهي حسب تحليلي يمكن أن تصاغ كالآتي:
جبننا يخلق وحوشا!
وهي المقولة التي صرنا نقابلها وجها لوجه كلما فتحنا مواقع التواصل، إذ إن سلوكنا على شبكات التواصل يربّي الوحوش أيضا.
السلسلة كالآتي: الكسل يقود للجهل، الجهل يقود للخوف، الخوف يقود لإمكانية الذعر، الذعر يفتح المجال للوحوش لتسير بنا نحو الهاوية.
أما الوحش الذي يقدمه الفيلم، فهو وحش “متحضّر” يستطيع الحديث باتزان عن شروط العمل، ومواصفات الموظف الناجح، ويتبع بدقة كتب “التنمية البشرية”، لكنه ببساطة يفتقر للقدرة على محاكمة أمر ما أخلاقيا.
الأخلاقيات التي لا تتطرق إليها كتب وصفات “النجاح” هي ما ينقص شخصا نشيطا مثل “لويس” ليكون إنسانا رائعا، لكنه بافتقاره لها وحش حقيقي، مستعدّ لأن يقتل لكي يحوز سبقا صحفيّا حول جريمته.
من شاهد الفيلم عليه أن يتساءل حول التعليم الخالي من المعاضل الأخلاقية، والمبتعد عن تربية المواقف بحجة التعليم التقني والاقتصاد المعرفي.
أما سؤال: كيف انتقلت مهمة الإعلام من نقل الخبر إلى صناعته؟ فهذا سؤال قديم حديث، ما يزال قائما رغم كل التطور في الأدوات، بما فيها أدوات التحقق من الأخبار الزائفة، إذ إن التطور في الأدوات هو فرصة للدنيئين أيضا.