ما سرّ صمود جأم “جماعة الإخوان المسلمين”؟

إنّ كامل أدبيّات جأم “جماعة الإخوان المسلمين” بما فيها أكثرها رصانة، وهو مؤلفات سيّد قطب، سهلٌ ردُّها. بعضها يحتاج جهدا ووقتا، وقد كفى عدد من المفكّرين الإسلاميين الحكوماتِ عناء الردّ عليها. مع ذلك، تأخّرت الحكومات عن تبنّي الردود على طروحات جأم، فما السبب يا ترى؟

أوّل صعوبات الردّ على فكر جأم هو عدم كونه فكرا، وذلك بسبب عدم وضوحه، فكل قول لديهم مقرون بضدّه، وذلك بسبب سلوك باطنيّ عندهم. أي إنّ ما يذاع للعامّة غير الذي يتداوله خاصّتهم. هكذا، لا يكون الردّ على العموميات سهلا. أما ما كان خاصّا، فمن الصعب إثبات أنهم يتبنّونه فعلا.

ثمّ إن أكثر مقولاتهم شيوعا لا تعدو أن تكون مجرّد اقتباسات مقتطعة من سياقها من النصوص الدينية، وقد تبنّت الحكومات هذه الدعاوى المجتزأة بالمعاني ذاتها التي يقصدها الجأميون. هذا ما يجعل الردّ عليهم ردّة عن نهج متبع في الدول العربية، وهذا يحتاج مكاشفة لا تقدر عليها حكومات تفصلها مسافة عن المواطنين.

لا بدّ أيضا من التطرّق إلى نوعية الإنسان الذي تبنيه هذه الأدبيّات، فهو مثاليّ عند الحكومات ما دامت هي من يمسك بقياده، فيصبح الصراع صراعا إعلاميّا تنظيميّا، لا صراعا عقائديّا.

أخيرا، ثمة شكوك حقيقية في نية الحكومات، هل هي تريد حقّا أن تردّ على الجأميين؟ هم يمثّلون خصما مثاليّا لها. تستطيع وصمه بالإرهاب، وتستطيع زيادة قدرتها على التحكّم بالناس بحجّة تصديها له، وتسطيع اختراقه بسهولة. فلماذا تردّ مقولاته!