الساحة السياسية الخاوية | كيف وصلنا إلى هنا؟

أزعم أنّ سبب فشل الحَراكات التي تهدف إلى النهوض بالأمّة/الدولة هو أنّها دائما تغترّ بعديدها (عدد المنخرطين في كل حَراك أو حزب) وتشعر بواجب تاريخيّ يدعوها لأن تعلن مواقف وتنشط في قضايا من حجم أكبر من حجمها.

هذا التفسير هو التفسير الذي يقدّم حسن النيّة، أمّا التفسير الآخر فهو أنّ الجمهور هنا يتحلّق حول أصحاب الخطاب القصووي، الذين يخيّل إليهم أنهم قادرون على حرق المراحل، ومن الطبيعي جدّا أن يقع هؤلاء في مواجهات مبكّرة مع قوى الشدّ العكسيّ.

ماذا تعني “مبكّرة”؟

كلمة مبكّرة أعلاه تشير إلى عدم الجاهزية، وهذه تنقسم إلى قسمين: عدم الجاهزية من جهة العدد، وعدم الجاهزية من جهة النوعية، وكلاهما متعلق بالمنتمين إلى التيّار أو الحَراك أو الحزب.

راقب أي جهة تقدّمية، وستجد أنّ عدد المنتسبين أقلّ بكثير من الأثر الذي تطلبه الجهة من منتسبيها، أو أنّها تفتقر لقيادات بديلة، بمعنى أنّ الصفّ الثاني من القيادة أدنى بكثير من مستوى القيادة المعرفي والمهاري والقدرة على الحيلة.

ما الحلّ؟

قبل الحديث حول الحلّ لا بدّ من تفسير المشكلة لنعرف أصلها. وهي برأيي الشخصيّ الذي يحتاج إلى فحص: عدم اهتمام هذه الجهات أو عدم قدرتها على بناء الفرد.

العمل الذي يجب أن يحصل باتجّاه الفرد هو الأهمّ في مرحلة البناء والتأسيس، وهذا يشمل:

– المهارات التي يملكها الفرد.

– المعرفة التي يملكها الفرد.

– المواقف التي يتبناها الفرد.

– السلوكات التي ينتهجها الفرد.

لاحظت خلال حياتي القصيرة أنّ الأفراد الذين ساهمت في تشكيلهم أحدثوا أثرا في بيئتهم أكبر وأدوم من الأثر الذي أحدثناه داخل حركة أو حزب أو جهة كنت عضوا فيها.

هو أثر ليس أكبر بالمعنى اللحظيّ، لكنّه أكبر لأنّه أدوم وأعمق، ولأنّه مستديم، ويمكن المراكمة عليه.