المقصلة، لمن لا يعرفها، هي آلة لقطع الرؤوس طوّرت في فرنسا من آلات أسلاف لها وجدت في بلدان أوروبية عديدة. تخيّل أن تذهب لطبيب تشكو له الصداع المؤلم الذي تعاني منه، فيكتب لك _بخطّه العجيب_ وصفة علاجية من كلمة واحدة: مقصلة! لن يكون عجيبا أن تتفاجأ بمجرّد تمكّنك من قراءتها، لكن العجيب أنك ترى مثل هذا يحدث حولك في كل مكان، ولا تتفاجأ.
أمثلة من الواقع
يتعب المواطن العربيّ المتعلّم من الحال الذي وصلت إليه بلاده، بسبب عدوان بلاد أخرى عليها، وهيمنة ترجمت إلى كساد في كل القطاعات، وتبعية سياسية واقتصادية، فيختار أن يهجر بلاده إلى بلاد الأعداء التي أذاقت بلاده الأمرّين. أليس هذا صداع يعالج بمقصلة!
يشتكي الثريّ من سوء التعليم الحكوميّ، فيرسل أبناءه إلى التعليم الخاص، الذي يبدأ باستقطاب المعلمين المؤهلين، ويتوسّع حتى يقضي على التعليم الحكومي. هذا صداع آخر يعالج بمقصلة.
يعاني أبناء الجمهوريات العربية من سوء الأوضاع المعيشية، وانعدام الحريّات، في ظل حكومات مهادنة للغرب الذي يفرض عليها العقوبات، فيخرج المواطن شاهرا السلاح على أجهزة الدولة، مما يتسبب بتفكيكها وعودة الاحتلال الغربيّ.
ترفض الحكومة الأردنية دعوة نقابة المعلمين الأردنيين للاعتصام، بحجة أنّ هذا قد يعيق الحركة المرورية، فيكون الحلّ أن تغلق الحكومة الطرق كلها.
تخسر شركة عامّة مملوكة للدولة، فيتمّ خصخصتها وبيعها للأجنبيّ. هذه مقصلة أخرى لعلاج الصداع.
يعاني بلد من الركود الاقتصاديّ فيفرض ضرائب على القطاعات الوطنية.
أستطيع أن أرصف الأمثلة حتى تصبح المقالة طويلة، ولأنه يحدث أن تصل العبرة بأقل عدد من الكلمات، فلا بأس من مقالة قصيرة، تتكئ على فهم القارئ ليكملها هو…
الطبيب الذي يصف المقصلة علاجا للصداع لا يستحق لقب طبيب بكل تأكيد.