نقابة “المشعوذين”

نشرتُ قبل أيام مقالة مفصّلة بعنوان “الإعجاز الزغلولي“، تردّ على الطرح الذي نتوقع أن يطرحه زغلول النجّار في محاضرته التي تقيمها له نقابة المهندسين الأردنيين. ترافق الأمر مع عريضة أنشأها الروائي الأردني سعود قبيلات (رابط العريضة: هنا)، ومع كتابات لكتّاب كثيرين لا يسعني ذكر أسمائهم الآن، وخلال هذه المقالة سأسرد المشكلة مع زغلول ومع النقابة، حسب خط الزمن، لعلّ هذا يكون معينا للتغطية الإخبارية بعد الفضيحة المتوقع حصولها يوم الأربعاء 5 تموز 2017 في النقابة.

تخبّطت إدارة النقابة كثيرا منذ ذلك اليوم، وكان مسير الأحداث كالآتي: 

إشارة قبل البدء (كل الأحداث مصورة ومؤرخة لمن أراد أن ينشر تقريرا صحفيا، إضافة لأنه لفتح الروابط يجب الضغط على كلمة ” هنا”).

  1. شطبت النقابة ملصق المحاضرة الدعائي عن صفحتها الرسمية، فظنّنا أنها ألغته، وبدأنا نشعر بالأمل في العقل الأردني الهندسي.
  2. أعاد شباب الإخوان في النقابة النشر عن الفعالية، وعرفنا من منشوراتهم أنها لم تزل قائمة، لكنهم أضافوا على عجالة محورا آخر للمحاضرة، كبهارات لعلها تجعل الطعام الزغلولي الفاسد مستساغا، ولكن النص الذي أعلنوا به عن الشق الآخر للمحاضرة كان مسروقا وقد وثقت السرقة في المقالة السابقة، ولم يعلنوا عن اسم المحاضر لأنه ببساطة لم يكن موجودا.
  3. كثّفنا الحملة الإعلامية ضد طرح زغلول وإقامة محاضرته وسلوك النقابة، وبدا للمراقب أن المحاضرة ستكون محرجة، لأن كثيرين ينوون حضورها لإحراج زغلول والجهة المستضيفة له، بكونهم يروجون للخرافات.
  4. كان الردّ الإخواني واضحا على صفحة مجموعة المهندس الأردني، بكون هذا شأنا هندسيا لا يجوز لقبيلات، أو لأي مواطن أردني غير منتسب للنقابة أن يتحدث به، فوضّحنا لهم أن الدعوة العامة وكون المخاضرة متعلقة بشأن ديني، وكون النقابات مؤسسة وطنية، فللجميع الحق بالتدخل. تسبب هذا باتهام المعلقين على الصفحة لنا بالكفر ومعاداة الإسلام، وكأن زغلول رسول الله أو أحد الإئمة!
    رابط منشور مجموعة المهندس الأردني: هنا.
  5. قام شباب الإخوان بإنشاء فعالية على فيسبوك للمحاضرة، واشترطوا فيها أن يكون الحضور من المهندسين حصرا، وطلبوا الإيميل ورقم الهاتف، لكل من يريد استصدار “تذكرة”.
    رابط الفعالية على فيسبوك: هنا. 
  6. وضحنا للجميع تلاعب النقابة، واضطرابها بسلوكها هذا، وتوضّح لشباب النقابة أن أكثر الغاضبين من إقامة هذه المحاضرة الدجلية مهندسون أردنيون، سيدخلون إلى المحاضرة، حتى مع هذه الالتفافة.
  7. جاء الردّ من أحد وجوه الإخوان “ميسرة ملص” بكون هذه الخطوة أخذت بسبب الإقبال الشديد على المحاضرة، وهذا ليس صادقا لأن عدد الذين أكدوا حضورهم على الفعالية قليل جدّا، وهو مرئي على الفعالية.
    نص تعليق ميسرة ملص: “بسبب الاقبال الشديد عليها من المهندسين والاستفسار عن موعدها من الزملاء بسبب دعايتكم “ وقد تمّ تصويره.
  8. تشجّعت النقابة وحزمت أمرها، وأعادت نشر ملصق الفعالية موضحة أن الدعوة عامة، وألغت الشق الآخر “البهارات” من المحاضرة في الإعلان.
    رابط الملصق الذي أعيد نشره، والتأريخ يوضح تأخره عن بقية الملصقات: هنا.
  9. اتصل مهندسون بالنقابة طالبين منهم إلغاء الفعالية، فطلبت النقابة منهم توضيحا بمستمسكات تفضح كون زغلول دجّالا، وإقامة محاضرة له ستكون أمرا مسيئا لسمعة المهندسين الأردنيين.

حسنٌ، علينا أن نوضّح الآن للنقابة وللأردنيّين عموما، ما العيب في زغلول، ولماذا هو غير صادق في طرحه:

  • بدأت الضجّة حول زغلول النجار بسبب ناشر علوم مغربي اسمه نجيب المختاري، كان قد أرسل لزغلول رسالة مفتوحة، يطلب منه بكل أدب توضيحات حول مقولاته في شرائطه ومقالاته المنشورة على موقعه، وتناقضها مع العلم. زغلول تجاهل الأمر وقدم إلى المحاضرة في فاس، وتفاجأ بتأثر الطلبة بكلام نجيب وتوجيه أسئلة نجيب له. فكانت أجوبته خارجة عن الأدب، وعمد إلى تكفير الطلبة واتهامهم بالعداء للإسلام، مع أنهم لم يفعلوا شيئا سوى سؤاله!
    رابط إحدى مقالات نجيب المختاري، وفيها تعداد لكثير من مغالطات زغلول: هنا.
    رابط محاضرة زغلول: هنا.

رابط توضيح زغلول الذي تهجم فيه على الطلبة: هنا.

رابط تغطية صحفية لحادثة جامعة فاس: هنا. 

  • أغلق زغلول النجار موقعه، ولم يزل مغلقا، لأنه خشي من افتضاح كذبات أخرى، واكتفى بالظهور الإعلامي المصوّر، لأن طبيعته تعفيه من المساءلة أكثر من الكلام المكتوب.
    رابط موقع زغلول النجار المغلق الآن: هنا. 
    رابط موقع زغلول من خلال way back machine: هنا. تظهر فيه المقالات التي راجعها نجيب مختاري.
  • اتضح من خلال البحث أن باحثا باسم مستعار “بروتين” قد راسل الأماكن التي يقول زغلول أنه شغل مناصبا فيها، واتضح له أنه لا وجود لوزن علمي له إطلاقا، وأن كل هذه الأماكن تتبرأ من عمل شخص بهذا الاسم معها على الإطلاق، حسب ما يورد الباحث.
    رابط المشاركة على منتدى التوحيد التي تفضح السيرة المهنية لزغلول النجار: هنا.
  • اتضح من خلال البحث عن الجامعة التي يقول زغلول إنه تخرج فيها “جامعة ويلز” أنها لا تدرّس التخصص الذي يقول إنه درسه، وستتمّ مراسلة الجامعة، ونشر ردّها على العلن في أقرب فرصة، لكن كون الجامعة لا تدرس الجيولوجيا “علوم الأرض” من الأساس فهذا كافٍ لفضح كذبه في شهاداته.
    رابط البحث في مساقات الجامعة في كل أفرعها حول العالم: هنا.
  • تمّ البحث في جميع محركات البحث العلمي المتوفرة، من سبرينجلر لينك إلى جوجل سكولر، ولم نجد بحثا علميا واحدا من المئة وخمسين بحثا محكّما منشورا التي يدّعي زغلول في سيرته الذاتية أنه نشرها، وكل منشوراته مقصورة على “الإعجاز العلمي في القرآن والسنة”.

 

لكي نختصر: 

أولا: الأصل في الأمور أن البينة هي على المدّعي، وليس على من يرفض الادّعاء، وهذا أبسط منهج علمي، شرحه بيرتراند راسل في قصة “إبريق راسل”، فعلى النقابة وعلى زغلول أن يريانا شهاداته، وأن يثبتا لنا ادّعاءاته، ونحن بعد ذلك نتصدّى لبيان عدم مطابقتها للواقع، ونحن نعد بذلك وعدَ حرّ.

ثانيا: ادّعى زغلول بأن شركة سويسرية تنتج الأدوية من بول البعير وأبوال النساء الحوامل، وقال إن اسمها “سيرن”، وسيرن هو مسارع نووي لا علاقة له بالأدوية. ناهيكم عن ادّعاء على موقعه المغلق للأسف، بوجود كبسولات بول بعير!
لرؤية الإحراج الذي على وجهه والمذيع يجبره على تسمية المؤسسة اضغط: هنا. 

للاطلاع على موقع سيرن وماهيته اضغط: هنا.

ثالثا: نورد هذه كعينة فقط، فقد ادّعى زغلول أن مكة تقع في منتصف الكرة الأرضية، وقد قال مسبقا أيضا إنها في منتصف اليابسة، ولمّا راجعه الطلبة المغاربة  قال إنها تقع في منتصف اليابسة فقط وليس في منتصف الأرض، واتضح بالفحص أن منتصف اليابسة هي قرية تركية، ثم ادّعى مناصروا زغلول أن مكة موقعها معجز رغم أنها ليست في منصف الأرض بكونها تحقق النسبة الذهبية، واتضح مع الفحص أن ذلك أيضا كذب، وأن المدينة السعودية التي تحقق النسبة الذهبية هي الطائف.
رابط ادّعائه أن مكة في منتصف اليابسة: هنا.

رابط يبيّن أن مكة لا تقع في منتصف اليابسة: هنا.

رابط يحاول جعل مكة تحقق النسبة الذهبية: هنا.

رابط يوضح أن المدينة التي تحقق النسبة الذهبية هي الطائف: هنا.

رابعا: ما سيقوله زغلول في النقابة سبق وأن قاله، كله أو بعضه، في الشريط المرفق رابطه، والردّ على كل نقطة أوردتها في مقالة “الإعجاز الزغلولي”.
رابط الشريط: هنا.

رابط الردّ: هنا. 

أظنّ أن هذا القدر كاف جدّا، ولكن سأزيد في توضيح ما تؤول له النقابة، التي يفترض أن تكون صرحا علميا تطبيقيا، أو علميا، لكن ليس صرحا دجليا: 

اتضح أن نقابة المهندسين أقامت بالفعل، يوم أمس السبت 1 تموز 2017، ضمن ندوتها الشهرية، ندوة بعنوان: الإعجاز العلمي في الألسنة واللغات، يحاضر فيها من كتبوا اسمه كالآتي “أ. عدلي البرقوني”، وعدلي البرقوني هذا هو مؤلف مغمور لكتب الأرصفة، التي تعدك بتكلم اللغة الفلانية بطلاقة خلال عشرة أيام، وما إلى ذلك من كتب يراها كثير من أساتذة اللغات نصبا! نتحدّى النقابة بإخراج تسجيل لهذه الفعالية، لننقدها لهم.
رابط ملصق الفعالية الدجلية المذكورة: هنا.

النقابة ليست بريئة، وعليها أن تقوم بأفعال أكبر بكثير من إلغاء محاضرة زغلول النجار، لكي تعدّ مؤسسة عادية، وليست مكانا للدجل باسم الدين وتداول الحُجُب، والدعوة الدينية لدين محدد، بأسلوب رخيص جدّا توضّح كذبه لكل عاقل، أمّا أن تعود لها سمعتها المهنية فهذا أبعد.

هل نحن معادون للدين؟ 

قبل أن يقفز زغلول أو أتباعه لهذا الاستنتاج، نقول لهم: نحن نعادي الكذب، نتحدّاكم أن تسمحوا لنا باستجواب زغلول النجار أمامكم، ونحن سنستجوبه بالفعل شئتم أم أبيتم، ونتحدّاكم بتصوير المحاضرة ونشرها كما هي، وسنثبت للجميع أن هذه المحاضرة دجل خالص، وأن المقتنعين بها لا يجوز أن يستلموا تخطيط بيوتنا، ولا الإشراف على صيانة مصاعدنا، ولا تصليح سياراتنا، لأنهم ببساطة بعيدون عن أي حسّ علمي أو هندسي.

المعادون لزغلول النجار وكذبه يتبعون أديانا شتى، ومنهم من لم يختر دينا، ومنهم المسلم الملتزم، لكن المؤيدين لزغلول هم الإخوان حصرا، لأن “علماء السلفية” مثلا يرفضون فكرة الإعجاز العلمي من أساسها، إذن هم الإخوان وبعض المسلمين البسطاء الذين لا يعرفون من العلم شيئا يذكر، وإلا فهل ينطلي كل عدم الكفاية هذا في الشهادات، والسيرة المهنية، والمغالطات العلمية، والجهل اللغوي، والتدليس الديني إلا على متواطئ ضدّ عقله!

أخيرا: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى ” إذا لم تستحِ، فاصنع ما شئت.”