خرافات إسلامية 4

نسرد في هذه السلسلة مجموعة معتقدات خرافية، التصقت بالإسلام زورا، نحاول أن نفهم سبب وجودها، وننظر الأسباب التي تدعونا لرفضها، وهي ترد دون ترتيب محدد، واعذروا قسوة لغتي في تناولها، ولكنها محض حماقات يجب طردها من العقول لكي تعود عقولا.

هذا هو الجزء الرابع من المقال، راجع الأرشيف لبقية الأجزاء.

16

“انشقاق القمر”
” آيات الرسول غير القرآن”
“معجزات الرسول”

هذه الخرافة خطيرة جدا، فهي تضع المسلم على محك صعب، فإما أن يكذب العلم، وإما أن يكذب معتقده، فالقمر لم ينشق، ولا مسألة انشقاقه ممكنة، وكثير من الأخبار عن خوارق النبي تصطدم مع حقائق تاريخية وعلمية، ولكن انشقاق القمر أخطرها، وهذا بسبب أن الملفقين يتوهمون أنها ذكرت في القرآن، ويعضد ذلك مجموعة من المرويات، كلها من طريق واحدة، مع أنها تذكر حضور عدد من الأشخاص غير الراوي.

تكذيب الخبر سهل كما الكذب فيه، يكذب الكاذب، وهو الراوي الذي روى لك إياها، وليس بالضرورة الصحابي الذي سمعها، وأنت تقول له أنت كاذب، لكن الذي أسقط الناس في هذه الخرافة، وجعلهم ضعفاء أمامهما، أنهم يظنونها وردت في القرآن.

لنترك الآية القرآنية للنهاية، وننظر لم لا يرتاح الناس لهذه الخرافة، وسبب محاولة المفسرين منذ الحسن البصري، أن يجدوا معنى آخر للآية، وهذا قبل التقدم العلمي، ومعرفة القوانين التي تمنع حدوث مثل هذا الحدث الخرافي، فهم يعرفون في قواعدهم أن الخبر الذي يشهده خلق من الناس ويكون من الغرائب، ثم لا يرويه سوى رجل واحد فهو خبر كاذب، وهذا مستقر عندهم، ولا ننسى ورود آيات كثيرة في القرآن، تنفي أن يكون للرسول آية غير القرآن، ومنها ” وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”

وهكذا تبقى أمامنا آية “وانشق القمر” فإذا صدق أنها تعني أن القمر انقسم لفلقتين ثم اجتمع، فهذا يعني أن المسلمين يجب أن يعيدوا النظر في قرآنهم، والحق أن إعادة النظر واجبة ولكن ليس في القرآن ولكن في فهم لغة العرب، التي بيننا وبينها مئات السنين، المليئة بالمتخلفين علميا وعقليا وبلاغيا، الذين تصدوا بالشرح للنصوص الإسلامية.

أما الآية فهي تنفي فكرة انشقاق القمر، وتنفي وجود أي آية أو خارقة للرسول، وهذا المعنى حاضر في السورة كلها، إذ تتحدث السورة عن عدم وجود أثر للنذر، أي الآيات التي رآها أسلاف العرب، فهم يتداولون قصصا عن قدرة الله، فلماذا يطالبون بآية جديدة! وتستطيع أن تقرأ هذا المعنى على طول السورة، لكن تبقى الآية الأولى “اقتربت الساعة وانشق القمر” علما أن بعدها “وإن يروا كل آية يعرضوا عنها” وينسبوها للسحر أو يجدون لها تبريرا، أي أنه من العبث خطابهم بالخوارق ما لم يعملوا عقولهم

خلاصة الأمر، إن جملة “اقتربت الساعة وانشق القمر” لا تعني لا اقتراب الساعة ولا انشقاق القمر، ولكنها تقول أن حال المشركين التي يلي شرحها، لا تتغير وإن اقتربت الساعة، وإن انشق القمر، وهو أسلوب بلاغي موجود في شعر العرب، وأمثالهم، وهو كان سبب خلاف الحسن البصري مع الجميع على معنى الآية، والرجل كان غاية في كل شيء، فيقال : فلان أفصح الناس إلا الحسن!

لذا فالقمر لم ينشق ولن ينشق، ودعكم من الخرافات، التي بعد نفيها العقل العلمي، تنفي العقل البياني العربي وتدمر اللغة.

17

“الصراط حبل فوق جهنم”
“سيرك يوم القيامة”

كذب، لم يقله الله، ولا يقوله عاقل، فبعد أن يحاسب الإنسان لماذا سيمشي فوق النار على حبل باتجاه الجنة! ثم ألم يقل القرآن “وأزلفت الجنة للمتقين”، فأي زلفى هذه وبينها وبين الناس، حسب الخرافة، حجيم عرضها السماوات والأرض!

صورة كاريكاتورية وفهم طفولي، يحاول من خلاله الملفقون التوفيق بين فهمهم المريض لعدّة آيات قرآنية، فعندما تعرضوا لآية “إن منكم إلا واردها”، وآية “اهدنا الصراط المستقيم”، وضربوهما في خلاط الفهم المعيب، نتج عنها صورة لا أساس لها، عن سيرك يمشي فيه الناس على حبل فوق الجحيم، باتجاه الجنة، فمنهم من يقع، لأن الله يصعب العرض عليه، ومنهم من يصل، لأن الله يغششه!

مع أن الكلام واضح في القرآن بأن الصراط هو تجنب الخطايا العشر، التي نهى موسى عنها قومه، “قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ….” إلى آخر الآيات، عند قوله “وأن هذا صراطي مستقيما”، فالصراط هو الاستقامة في الحياة، وتجنب المحرمات، وليس له علاقة بالآخره.

أما آية “إن منكم إلا واردها” فهي تختص بالمذنبين، فمنهم من استحق الرحمة، ومنهم من استحق العذاب، ولكن اجتزاء القرآن وتعضيته المنهي عنها صراحة في القرآن، جعلت الناس تفترض أن الخطاب للجميع، وهذا ليس صحيحا، فهل يردها الشهداء والصديقون الذين يدخلون الجنة بغير حساب حسب الاعتقاد الإسلامي!

هذه الخرافة تجعل الله يبدو وكأنه طفل نزق، يلعب بخلقه، ويدخلهم امتحانات عجيبة، تتضمن ألعابا كألعاب السيرك وبرامج التحديات، فأي ربّ تزعمون الله!

18

“لا تدخل امرآة النار إلا ودخل معها أبوها وأخوها وابنها وزوجها”
“الذكور مسئولون عن إناث عائلاتهم”

كذب، لا يقوله إلا جاهل، فالقرآن يقول “ولا تزر وازرة وزر أخرى”، فإن قالوا بل هو وزر الذكر وهو مكلف بالوصاية على نساء عائلته، فمن أين أتوا بهذه الفرية!

رأينا القرآن يخاطب الرسول ليقول للمؤمنات، دون وساطة الذكور، فلم يقل: قل للمؤمنين يقولوا لنسائهم يفعلن كذا وكذا!

وسبب وجود هذه الخرافة وبقائها، أنها توافق الطبيعة الجاهلية التي استمرت إلى يومنا هذا عند كثير من العرب، والتي تجعل الرجل مسئولا عن “حريمه”، وهن من أملاكه، تماما كما هو مسئول عن أغنامه! فمن كان ذليلا فأملاكه نهب غيره.

ومن يقبل هذه الخرافة، فإنه يقبل معها أن المرأة غير مكلفة، وغير مسئولة عن أفعالها، فكيف تحاسب المرأة إذًا من الأصل!

لحق هذه الخرافة أن ذكور الكهنة يرون الأمر من منظورهم، فإن كانوا يعانون من الكبت الجنسي، منعوا كل ما يثيرهم، وهم، بكبتهم ومحورية الجنس في عقولهم، يستثارون جنسيا من أقل شيء!

وهذا جعل الأنثى المسلمة بدون شخصية، لدرجة أنها تتعرض للتحرش وتسكت، وتفشل في تربية أبنائها، وتهرب لإزاحة الضغوط على بناتها وأبنائها، وهذا أنتج مجتمعا مريضا.

كما يقول المثل: كل شاة معلقة بعرقوبها. وكما يقول القرآن: لا يحمل أحد ذنب أحد (وهو شرح الآية التي وردت في الفقرة الأولى). يجب عليك الانتباه لسلوكك وكف لسانك عن غيرك إلا بالمعروف!

19

“الفرقة الناجية”
“تفترق أمتي على بضع وسبعين شعبة”

كذب لا يقوله عاقل، فإن قاله الرسول فأين احتياطه لهذا؟ أم أنه لا يخاف على أمته من الضلال! ثم إذا كان يقرّ أن الفرق كلها من أمته، فكيف يدعي أنها تذهب للنار!

في العربية، أيام رسول الله، الأمة هي أهل الزمان، وليسوا أهل الديانة، ولا كما نستخدمها اليوم بمعنى اقومية، فمروية “تفترق أمتي” لا تصلح أن يقولها الرسول ويعني بالأمة أهل الملة! ولم يرد أن أهل زمانه، أمته، انقسنت إلى هذا العدد من الفرق.

ثم إن المروية التي يكذبها الواقع تسقط، هذا حسب من أسس لمنهج قبول المرويات وردّها، وهذه المروية كاذبة لأنها لا توافق الواقع، فالفرق الإسلامية تعدّت الرقم المذكور، أم أن رسولكم أخطأ بالحساب! إلا أن تتكلفوا ضمّ بعض الفرق إلى بعضها لتصلوا للرقم، وهذا تكلّف واصطناع لا مبرر له، ولا واقع له.

بل والمروية كاذبة في تعدادها لفرق اليهود والنصارى فضلا عن أتباع النبي محمد!

وجدت هذه الخرافة، وبقيت بسبب أنها توافق هوى الجميع، فكل منهم يزعم أنه الفرقة الناجية، ويضع رأسه في الرمل، ويرتاح! ويبدأ يسمي كل من خرج عليه سياسيا أو اختلف معه معتقديا بأنه من “الخوارج” والفرق “الضالة”.

ثم إذا كانت احتياطات الرسول لم تصلنا، فأين احتياط الله لذلك، فإن كان المحسن وفاعل الخير من أي اعتقاد كان يعده الله بالجنة، فكيف يرمي في النار من صدّق نبيه لأنه لم يوافق “الفرقة الناجية”! أي ربّ غافل تزعمون الله!

للتوسع حول هذه الخرافة إليك رابط هذا البحث : تنبيه الحذاق إلى بطلان حيث الافتراق

20

“المهدي والمسيح الدجال ونزول المسيح”

هذه الخرافة ساقطة حكما، بإسقاطنا لخرافة علامات الساعة، الكبرى والصغرى، وكل ما يسمى “أشراطا للساعة” أخبر عنها الرسول، الذي يقول القرآن إنه لا يعلم عن أخبارها شيئا، وعلمها عند الله وحده، وقد تأتي بغتة.

لكننا نخصص لها حلقة لأنها خرافة مستشرية، خصص لها حسن السقّاف، وهو من أئمة ما يسمّى أهل السنة والجماعة، بحثا كاملا، يظهر تناقض الروايات وتكذيبها بعضا.

أصل الخرافة هي بشارات بعثة النبي، فهو المهديّ إذ أن الله أوحى له، كما يقول المعتقد الإسلامي، وهو المسيح، المحمدان، محمد، وكلها أسماء لرجل واحد، فالمسيح ليس اسما لشخص، وإنما هو اسم لمنزلة، كما النبي، فكما أن عيسى نبي ومسيح، فمحمد نبي ومسيح، أو هذا على الأقل ما كانت البشارات تدور حوله.

لكن اليهود أرادوا هذا الملك الموحى إليه، الذي من طقوس تنصيبه ملكا أن يمسح بالزيت ليكون مسيحا، أن يكون ذا مفوذ أصلا بينهم، لكنه لم يكن من شيوخ عشيرتهم، فرفضوا عيسى مسيحا، ورفضوا محمدا مسيحا، وما زالوا ينتظرون ملكا آخر الزمان. ومثله حدث بين بعض النصارى ومحمد، فجعلوا ينتظرون عودة المسيح عيسى بشخصه، ثم لحقهم أهل ملة محمد بأن جعلوا هذه البشارة مختصة بالمهدي، وهو رجل آخر اسمه محمد بن عبد الله! يا سلام! وجعلوا يخلطون كل كلام أهل الملل التي سبقتهم وخرجوا بهذه الخزعبلات كملحمة نهاية العالم!

وكأننا كلنا أهل ضلال حتى يقتصر الأمر على مهديّ واحد، ألا يعتقدون أن الله قدّم لهم الهدى! فكيف يقصرون الهداية على رجل واحد!

خطورة هذه الخرافة تأتي بأنها تقعد الناس عن العمل، وتقطع بهم حبل الأمل، فأي عمل نقوم به عبث، ما دام المهدي ليس حاضرا، ثم إن الخرافة تقول إن المسيح الدجال يحيي ويمييت، وله خوارق ومعجزات، فلو سلمنا جدلا بأنه قادم، فأي لوم يقع على من يتبعه!

أي رب هذا الذي تزعمون الله! كاتب سيناريو بائس، يجبرنا على تمثيل ما كتب، ثم يعذبنا على أننا اتبعنا رجلا بمواصفات إله، لأنه لم يقدر لنا أن نرى على جبينه علامة “دجال”! فما ذنبنا نحن إن أبصرها غيرنا ولم نبصرها! ثم ألا يناقض قوله بأن محمد خاتم الأنبياء، فإن كان المهدي مهديا بهدى غير هدانا أليس هذا نبيا!

ودعك من هذا كله، ألا يجدر بنا إن صدقنا بهذه الخرافة، أن نردّ قول القرآن بأن الساعة قد تكون غدا أو في يوم قريب، فنقول له: لا لن تكون قبل نزول الطقم السماوي العجيب! المهدي والمسيح والدجال!

للتوسع حول هذه الخرافة إليك رابط هذا البحث : مثلث الخرافة